
مقدمة عن تاريخ صناعة العطور على مر العصور
استخدم القدماء العطور فعُدّت واحدة من الفنون القديمة القيمة والراقية التي لها تاريخ عريق وأصول ممتدة على مر العصور و الحضارات. إن تاريخ صناعة العطور يشير إلى استخدامها الواسع في دول العالم وفي مصر القديمة وروما والشرق الأوسط. حيث تم استخدام العطور على نطاق واسع من قبل النساء العرب كطقوس عالمية للتجميل و الزينة منذ أيام الفراعنة وحتى يومنا هذا ما زالت تحمل مكانتها إلى جانب الطقوس الدينية والروحية.
الغرب أخذوا صناعة العطور الشرقية من تاريخ العرب

عرفت طريقة صناعة العطور منذ فجر التاريخ القديم إذ كونتها الطبيعة في أرجاء الأرض وبين الهضاب، وفي أجسام حيوانات البرية وبين الصخور، وقد استخدمت الورود و الأخشاب و أوراق الزهور والتوابل العطرية في صناعة المسك و البخور والكريمات العطرية في امبراطورية عظيمة لصناعة العطور بغرض الزينة والتجارة.
وكانت استخدمت في الاحتفالات الدينية في الإسكندرية قديما، وبابل وفارس والهند والصين، ولقد وجد علماء الآثار المصريون في مقابر أعظم ملوك الفراعنة زجاجات بها عطر يرجع إلى قديم الزمان، ومنهم قبر الملكة كليوباترا ملكة مصر، والملكة نفرتيتي و الملك توت عنخ أمون في الفرعونية المصرية، وقد ظلت تلك الآثار العطرية محتفظة برائحتها منذ آلاف السنين حتي عُثر علي بقايا منها كانت ممزوجة بالزهور، وقد شاعت العطور على عهد الإغريق والرومان أيضاً وفي العصور الإسلامية عند العرب كذلك حيث عرفوا أسرار و أهمية تلك الصناعة و طرق إعدادها وجرى تطوير العمل فاخترعوا لها جهاز ” الأنبيق ” ، وانتشر هذا الفن في المشرق العربي كله حيث كانت من أهم ممتلكات الإمبراطورية الرومانية
تعلمت دول الغرب مجال صناعة العطور من أبناء العرب وأخذت أوروبا العطور من الحضارة الفرعونية فبدأت حينها ثورة ابتكار العطور و تشكيل الروائح المختلفة.
في القرن الثاني عشر، حمل العائدون من الحرب الصليبية بعضا من عطور الشرق من فلسطين إلى أوروبا، وبذلك انتشرت في كل أرجاء القارة الأوربية، وأصبحت للعطور مكانتها الرفيعة والتي وما زالت هي عليها حتي الان
الأمراء والملوك هم أول من اقتنوا العطور المصنعة

يقال إن محمد بن طغا الذي هو من أولاد ملوك فرغانة، وكان كل ملوكها يلقب في ذلك الحين بالإخشيد
قد حكم مصر والشام 935 – 946م ، وقد وصِف بالغنى وسعة العيش والثراء حتى أن خزانة طيبه حملت في إحدى سفراته على أكثر من خمسين جملا، وأنشأ له بدمشق مشبكة يتطيب فيها وكان يعشق العطر، فتصل رائحة العطر إلى أبعد ما يمكن في البلاد.
ويقال أيضا أن الملك سعود بن عبدالعزيز، ملك المملكة العربية السعودية، أشهر من كان لديه مجموعة من خمسمائة نوع من العطر والطيب القيم جدا.
كما يقال أن نابليون بونابرت قائد الحملات الفرنسية على مصر اهتم بالعطر ووضع منه آنذاك فكان يستهلك أكثر من ستين لترا من العطور الحديثة في الشهر الواحد، وكان نابليون بونابرت يعطر مناديله برائحة الياسمين الطيب
ومنذ بداية القرن التاسع عشر شهدت حركة صناعة العطور شهرة و نقلة نوعيّة واسعة تمثلت في زيادة الإنتاج العطري، فتم إنتاج زيوت جديدة، وتطورت فنون مزج العطر، وطرق الخلط للعطور والتقطير.
الأبحاث العلمية والعلماء ودورهم في اكتشاف عطور جديدة
أدت أبحاث الكيمياء العضوية إلى معرفة آلاف الأنواع من أنواع العطور المختلفة والقوائم العطرية، وكان دور اختراع مركب الأيروسول في الخمسينيات مدخلا لزيادة الإقبال الكبير والطلب على أنواع العطور المتعددة، وفتحا جديدا بصناعة العطور الرائدة لدى العديد من الدول بعد ازدياد حاجة الناس لسد النقص في هذا المجال.
دول تنتج أقوى ماركات العطر ومن بينها فرنسا

تعتبر فرنسا الآن ومدينة جراس والتي تقع بالقرب من البحر الأبيض المتوسط في جبال الألب الغربية، و مدينة النور والجمال في فرنسا باريس، والتي تحرص على إنتاج أقوى الماركات العطرية وتهتم بالمنتج الأول لأرقى العطور العالمية، واشتهرت فرنسا بكونها مركز إنشاء هذه الصناعة في العالم بعد الحضارة المصرية.
وبدأت عملية تطور العطور المعاصرة في جنوب فرنسا بمنطقة جراس وامتدت منها إلى باقي أنحاء الحكومة في باريس. ومن المعروف والمسلم به أن بين جراس والعطور ورأس المال تناغم لأنها تصنع المال من العطور ولها رصيدها في تاريخ العطور وطرق صناعته، فكانت تعرض جراس أرقى العطور لجميع العطور المميزة في العالم دون استثناء.
معنى مصطلح العطور
أن كلمة العطور مشتقه من عطر perfume من “per fumus” ، هو مصطلح لاتيني يعني ” من خلال الدخان “. أو الدخون .
بدأ فن العطور أو التعرف على رائحة العطور في حضارة مصر القديمة وبلاد ما بين النهرين، ثم في صقلية الفرس و من ثم بلاد الرومان .
العطور في الهند

تم تأسيس العطور في دولة الهند كذلك ولكن العطور كانت تستند إلى البخور في أغلب الأحيان.
وعلى غير العادة، تم اكتشاف أقدم أنواع العطور في العالم في العصور القبرصية القديمة منذ أكثر من 4000 آلاف سنة.
وقد اكتشف الكيميائي والعالم الجليل الفارسي ابن سينا وسيلة لاستخراج الزيوت العطرية من زهرة الورد عن طريق التقطير، والذي هو الآن الإجراء الأكثر استخداما والمتبع حتى اليوم، وقديما كانت تستخرج العطور في كميات مركزة من الزيوت مما أكسبها قوة وسحرا في كونها أكثر عبقا وطيبا.
تاريخ صناعة العطور في القرن السادس والسابع والثامن عشر

وفي القرنين السادس عشر والسابع عشر في أوروبا، كانت العطور تستخدم في الغالب عند الاستحمام.. كانت هناك ثلاث فئات من الروائح: الاصطناعية والطبيعية والجنين. كانت الطبقة العليا هي الوحيدة التي تمكنت من الحصول على الروائح الاصطناعية من الصيدلي وعطاري العطور. كان الفقراء قادرين فقط على الحصول على روائح طبيعية من الأشياء الموجودة في الطبيعة.
كان القرن الثامن عشر هو عصر نهضة شاملة في تصنيع العطور وهو توقيت حكم لويس الخامس عشر لفرنسا الذي استمر لمدة 72 عاما. اشتهر القرن الثامن عشر باستخدام مزيلات العرق والعطور. كانت مصنوعة من بتلات الورد. كان سبب استخدامهم بتلات الورد لأنها كانت واحدة من الأشياء الوحيدة التي يمكن أن تخفي رائحة براز الإنسان. كما وتم مزج بتلات الورد مع روائح المواد أخرى مثل الخزامى والهيل والقرنفل وجوزة الطيب. تم صنع العطور باستخدام الكحول والماء والزيت والبلسم. تم استخدام الكحول في العطر لاستخراج الزيوت الأساسية من الأعشاب والزهور. الماء في العطر يخفف الكحول. يساعد الزيت في العطر على حمل العطر من خلال الماء في العطر.
يعود استخدام العطور في القرن الثامن عشر لأسباب عديدة. كانت بعض العطور تجعل الناس جذابين للجنس الآخر. كان الرجال يضعون العطور لجعلها جذابة للنساء. إضافة إلى استخدام عطور أخرى للنظافة الشخصية والتغطية على روائح الجسم. ولا تزال بعض العطور تستخدم للأغراض الطبية العلاجية.
تاريخ صناعة العطور في العصور القديمة وأشكالها
كانت العطور في العصور القديمة باهظة الثمن ولا يقدر علي شرائها أو تصنيعها العامة من الفقراء وكانت مقصورة على الأغنياء فقط في تلك المرحلة، لكن بالرغم من غلو أسعارها إلا أنها كانت جميلة المنظر والرائحة .
وكان يتم تخزين العطور في عبوات زجاجية فاتحة اللون وشهد القرن الثامن عشر ظهور زجاجات جميلة على شكل كمثرى من الزجاج الأبيض الغامق في العديد من المتاحف، وهي مزخرفة على نحو مماثل بأدوات من البورسلين. تم تخفيض الوزن في سعتها ، لتجد من خلالها جاذبية الزخرفة بالألوان والقطع والديكور الأنيق، مما جعل زجاجات العطور من الممتلكات النادرة التي تستحق الاقتناء. وكان نابليون بونابرت يحب الروائح الحمضية والروائح العشبية، ويفضل ماء الكولونيا باستخدام العطور في عدة زجاجات في اليوم، استخدمت جوزفين كريول من مارتينيك مجموعة مختلفة من الروائح الطيبة. وكانت تعشق الحيوانات، وكانت مولعة بشكل خاص بزيت المسك.
واهتم الملوك أيضاً بها فكانت الملكة فيكتوريا زوجة الأمير ألبرت
لها رائحتان تضربان بريطانيا، وكانت الشالات التي ترتديها غارقة في الباتشولي حيث تشبع رائحة خشبية غنية الملابس. كما يقال بأن عطر الملكة إليزابيث المفضل والذي تعطرت به في يوم زفافها و حاز إعجابها هو وايت روز الذي سمي بذلك نظراً لحب الملكة الشديد وتفضيلها الأزهار البيضاء.
خلال العصر الفيكتوري كان وضع العطر يخضع لرقابة صارمة من قبل أمراء الدول وقوانين الدولة.
وإن ما سبق ذكره هو نبذة ميسرة تاريخية عن العطور بينما هناك شتى المخطوطات التي تحكي أسرار العطر وأول من استخدمه سنتناولها في مقالات قادمة إن شاء الله.